بالرغم من توظيف الآلاف من الخريجين والخريجات خاصة في الوظائف التعليمية بأعداد هائلة ، لابد من الاعتراف أولا أن وجود تخصصات بالجامعات السعودية حاليا لا تخدم سوق العمل ، فأعداد المتقدمات من الطالبات نسبة كبيرة منهن بل معظمهن في كليات البنات " معظمها تخصصات تربوية ، مع أعداد قليلة جدا بالتخصصات العلمية البحتة كالطب بفروعه، وأنظمة الحاسب والاعلام وغيرها ، لن تسد العجز بالأوعية المتاحة لهن نظرا للنظرة الاقتصادية المتمثلة في القطاع الخاص .
وبما أن المخرجات الحالية من التخصصات التربوية أو النظرية تنصرف للتربية والتعليم ، فالخريجين والخريجات بتلك التخصصات أضعاف الاحتياجات ، لكن لابد من نظرة لمستقبل الطلاب ورفع مستواهم التحصيلي والمهاري ، من خلال تقليص سن التقاعد للمعلمات إلى 50 سنة وللمعلمين 55 عاما ، لتتاح فرص وظيفية للخريجات ، الخريجين ، أو قفل مؤقت للأقسام التي لا توجد بها شواغر بل فائض ،وحاليا يمكن أيضا تخفيض نصاب المعلمات والمعلمين إلى18 حصة اسبوعيا وتحديد كثافة الفصل إلى 20 طالب او طالبة ، وهذا بدوره يرتقي بمستوى التعليم لدى الطلاب والطالبات ، ويفتح مجالا للخريجات والخريجين الذين ينتظرون لسنوات ، خاصة أن المجالات المتاحة للمرأة أقل في الميادين الأخرى و مادام الأمر لايزال كذلك يجب الأخذ بأحد الخيارين اللذين ذكرتهما أنفاً .
بالنسبة للخريجين فمجالاتهم أرحب ، ويبدأ التخطيط بأن يعاد النظر في تصنيف التعليم الثانوي بحيث تكون هناك ثانويات تطبيقية تهيئ الطالب لسوق العمل ، أو للدراسة الجامعية في التخصصات المهنية والتقنية ، وتظل المقررات المعمول به في مدارس محددة ، للمميزين والذين سيتمكنون من اجتياز الدراسة الجامعية في التخصصات التي تتناسب وقدراتهم في الطب والهندسة والزراعة والصيدلة وغيرها .
ومن الحلول لمن ينتهي بهم المقام لكليات المجتمع أو المعاهد المهنية المتخصصة ، فهم أحق بأن يتم استيعابهم بسوق العمل بالسوق السعودي ، فالنشاط الاقتصادي في تجارة التجزئة و وتسويق البضائع المختلفة يباشرها أجانب تحت غطاء الكفيل بنسبة تصل الة 96% فإلى متى؟ لا تمنح حوافز لتشجيع العاطلين من الجنسين للولوج إلى سوق العمل كل حسب قدراته ومجالاته ، التي يستطيع أن يبدأ بها لشق طريقه ، المهم أن تكون الخطوة الأولى مقرونة بالدعم والتشجيع , وتسبقها هيكلة المؤسسات التعليمية المهنية والتطبيقية لتحل محل العامل الأجنبي في الميدان التجاري خاصة أننا أكبر دولة استهلاكية في المحيط العربي فيكل شيء .
ولكي يتأتى ذلك ، لا بد أن يتحلى رجال الأعمال والمقاولون والقطاع الخاص بصفة خاصة ، بقليل من الصبر ، وبإدراك دورهم كمواطنين عليهم واجبات ، خاصة وحقوقهم مكفولة فلا ضرائب ولا مكوسًا ، عذا النزر البسيط الذي يدفعونه للزكاة وتلك ركن من أركان الاسلام لا مفر منه ، وحتى يتمكن أبناؤنا وبناتنا من أن يكونوا البديل المنتج عوضا عن الأدنى ، لا البديل لتكملة عدد ، فلابد من أن تتولى الشركات والمؤسسات الخاصة الإنفاق بسخاء على تدريبهم وتأهيلهم واحلالهم بتدرج وفق خطة خمسية ،خاصة وأن الدعم الحكومي موجود ومعلن ، والاستثمار في تنمية الطاقات البشرية وتأهيلها يبقى دين للوطن ، ومؤازرة تلك القطاعات الخاصة للدولة ولو من باب رد الجميل للوطن والمواطنين من أبنائنا وبناتنا العاطلين ، عوضا عن النظرة الضيقة بربح أو خسارة ،بل عليها أن تدرك أن أهدافا استراتيجية طويلة المدى يأتي مردودها على الجميع.
ولقد أصابنا الملل من التراخي الحكومي مع القطاع الخاص ، الذي لا يملك رؤية وطنية ، نعم لا يمكن أن نعرضه لخسارة فادحة لكن عليه أن يضحي بجزء من هامش الربح في التأهيل والتدريب ، وإلا فمن الواجب أن تتخذ إجراءات ملموسة ومعلنة لمعاقبة المؤسسات والشركات التي تتحايل على نظام السعودة بشتى الطرق لتطفيش الشباب , ومثال ذلك عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور الذي جاء ضمن الأوامر الملكية التي صدرت قبل ثلاثة أعوام المحددة بـ 3 آلاف ريال، ومن الواجب على الجهات المختصة في الحكومة اتخاذ إجراءات عقابية صارمة ؛ منها التشهير ، وعدم تجديد رخصة مزاولة النشاط ، ومضاعفة الغرامات عليها ، وعدم إرساء عقود عمل بينها وبين الوزارات والإدارات الحكومية مالم تلتزم ببرنامج السعودة وتوطين الوظائف ، فهذا أقل ما يمكن أن تقدمه لشد عضد الحكومة التي تتكفل بحماية رؤوس أموالهم وتسهيل الإجراءات لهم ، بأن تكون منافسا بالأجور لتكون جاذبة وتستوعب طاقات وطنية من الظلم أن تظل عالة على مجتمع يستأثر فيه الأجنبي بأكثر من 6 ملايين فرصة عمل .