لفت انتباهي مقال كتبه الدكتور عبدالعزيز الجار الله بصحيفة "الجزيرة " مؤخرا , معززاً مقاله بالأرقام عن انجازات وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة , باعتماده على انشاء مراكز ومشافٍ جديدة عوضا عن هدر الأموال بترميمات وتوسعات بالمنشآت القائمة , واعتبر ذلك علامة انفرد بها الدكتور الربيعة دون غيره من الوزراء الذين سبقوه بوزارة الصحة , ويتطلع الكاتب أن ينهج كافة الوزراء النهج الذي اختطه الوزير الربيعة مخرجا وحلا ليس لوزارة الصحة وإنما لباقي قطاعاتنا ووزاراتنا، وهو استثمار العائد المالي والزيادة في تدفق النفط والأموال بإنشاءات جديدة بدلا من الترميم وتحسين ".
ولذلك يمكنني القول أن الكاتب ركَّزَ على البنى الانشائية التطويرية , وهذا بلا شك يمثل قيمة ايجابية تحسب للوزير الربيعة , ولكن هل سيواكب تلك البنى الانشائية التي كلفت المليارات تطورا بارزا على مستوى الخدمات الصحية , فما نلاحظه ونلمسه ونسمع عنه , أن كثيرا من المواطنين باختلاف قدراتهم وملاءتهم وظروفهم يعمدون للعلاج بالمستشفيات الخاصة , قد يقول قائل : هذا التوجه هو قرار شخصي لا يمكن للوزارة أن تعترض على قرار مريض أو ذويه باتخاذهم قرار خروجه من مشفىً حكومي ليستكمل علاجه بمشفىً خاص , ولكن بالمقابل أجد أن سؤلا طبيعيا بل وبديهي يجوز طرحه : هل يفضل أي مواطن أو مواطنه أن يبقى بالقرب من ذويه وألا يتكبد خسائر مادية تأتي بمعظمها قروضا من البنوك أو ديونا من أفراد أو مجموعة أفراد , أو أن يذل المرء ويريق ماء وجهه جراء ذلك ؟
لا ريب أنك أنصفت بجزئية ومن الواجب ألا يُشكك فيما قلت فأنت استندت لأرقام .. وفوق ذلك أثق بما كتبت ولا شائبة تشوب أو تعيب ما كتبت عنه , بالمقابل ركزت على الجانب الانشائي الاستعراضي بأن الوزارة أو الوزير عمل كذا وأنجز كذا , واضحى مثالا يحتذى لزملائه الوزراء , من حيث الكف عن الانفاق الباهض على مبان هرمت , وتجهيزات تشتكي من مواسم الترقيع والتوسيع وأن تنفق الأموال لبناء منشآت حديثة متطورة بدلا عن الترميم والترقيع . وبالتالي لو كفت جميع الوزارات عن الترقيع والتوسيع والتزفيت المؤقت فلن تجد من يشار إليه أو أن تقال من أين لك هذا ؟.
ولذلك فتلك المنشآت وتشييدها بدون توفير كوادر طبية من استشاريين واخصائيين وجهاز تمريضي تبقى مجرد مشاريع استعراضية ولن تنتهي عبارة .. تلقى علاجه خارج المملكة أو قدم من الخارج بعد كان في رحلة علاجية , ومع انتفاء حاجة من يتعالجون بالخارج , ستتجسد لدى المواطن الثقة بأن ما يقال عن التطوير يمثل الواقع ؛فالتطوير الانشائي مالم يواكبه خدمات علاجية شاملة مميزة بطول المملكة وعرضها وبأنه بات يواكب ما بدول غربية , حاليا تجد تحججا بأن الصيدلية مقفلة بأوقات الطوارئ والاكتفاء بعينات محدودة لعدم توفر عدد كاف من الصيادلة ليغطوا الأربع وعشرين ساعة .
أخلص للقول نعم يستحق معالي وزير الصحة ذلك الثناء بامتياز ويجب أن يحذو زملاؤه الوزراء حذوه , وفقا لما أشار إليه الدكتور الجار الله متى كان باستطاعة كل مواطن أن يتلقى علاجه وتجرى له العمليات المعقدة وغير المعقدة ليس بقريته أو مدينته بل بمنطقته , وبوطنه ؟, وألا نجد لمسؤول أو ذويه مبررا وقد استغنوا عن العلاج بالخارج ... وفقا لتلك المنشآت المتطورة وما تتوفر عليه من مبانٍ وكوادر و أجهزة تغني للأبد عن العلاج بالخارج , كما أتمنى ألا تكون تلك المنشآت القمم حكراً على ثلاث مدن معروفة مشتهرة و التي لها دائما قصب السبق بكل جديد : الرياض - جدة - الدمام , وأتساءل هل ستنهي تلك المنشآت صيحات البشر؟
نعم هنامكمن الداء ...( متى ) متى الدواء ؟
لله درك ايها الكاتب الفذ