دأبت المكاتب التعاونية على تنظيم محاضرات بالمساجد عن مواضيع دعوبة متعددة وخاصة في المناسبات الدينية كموسم الحج وشهر رمضان وغيرها وهذا أمر مطلوب وضروري ويستحق الشكر والثناء على تلك الجهود الطيبة نحتسب أجرهم عند الله تعالى وندعو لهم بالتوفيق.. ولكن بلاحظ أنها تكرس بالجوامع بمختلف القرى والمدن والإقبال علي حضورها ضعيف جدا بشهادة كثير من القائمين علي الإعداد لها والمنظمين لها وكذا المحاضرين فيها..
ومن تلك الأسباب اختيار المكان فمن يحضر بصفة عامة هم من الذين ليسوا بحاجة ماسة فتوجد تجمعات سكانية بأماكن ليس بها جوامع أو أن بها أناس هم بأمس الحاجة لتلك الجهود كأن يستهدف تجمعات سكانية وأيضا المواضيع مكررة وتوجد أولويات لأمور أحوج أن يتعلمها ويدركها العامة وكبار السن وكذلك الشباب في أماكن ليس بالضرورة أن تقام بالمساجد فقط.
اضرب مثلاً واقعيا عن محاضرة عن فضل العشر الأواخر وأنفقت عليها إعلانات بمبالغ طائلة وكان الحضور معظمهم من غير المحتاجين لتلك المحاضرة وعلى قلة حضورهم لايتناسب مع حجم المبالغ التي أنفقت في الدعاية والإعلان عن موعد المحاضرة.فكان الهدر المالي واضحا والمردود ضعيفا للأسباب التي سقتها من حيث الموضوع والمكان والمستهدقين ؛ لابد من مراجعة دقيقة لتلك الأنشطة وتوجيهها لتتطرق للأوضاع الراهنة والتفاعل معها وسيكون الحضور مضاعفا ويمكن من خلالها اسنعراض بعض الأمور كفضل العشر الأواخر وغبره...أما الرتابة في التخطيط والتنظيم واستهداف مواضيع بصورة متكررة لا أجد لها مبررا سوى أن المكتب الفلاني عمل كذا وكتب التقارير لإيضاح أنشطة لاتقدم ولاتؤخر و لم تتحقق الفائدة المرجوة منها .
حتى المنظمين أنفسهم يشتكون من قلة الحضور رغم الإعلانات المبكرة عنها., من أبرز الأسباب اللغة المستخدمة والتي لاتتناسب إلا مع شخصيات بثقافة المحاضر وهذا من خلال تجارب المواطنين السابقة لاتجعلهم يذهبون لتلك المحاضرات او البرامج . ولو كان القيِّمون على تلك البرامج يقومون بدراسة الأ سباب التي تدعو لإعراض الناس وبخاصة فئة الشباب عن حضور تلك المحاضرات أو الندوات , كي يشرعوا لتجديد المحتوى ونوع المستهدفين وسيساهم ذلك في نشر حركة دعوية تطال الهجر وأماكن تواجد الشباب وغيرها كي يتحقق المرجو من العائد وفق مايصرف من مال ومايستنفذ من وقت..
ومن ناحية أخرى من أسباب ندرة الحضور أنه يتم نشر جداول بتلك الأنشطة ومنها شرح كتاب في العقيدة والفقه تلك البرامج تفوق مستوى المتلقين وغالبيتهم في مساجد الأحياء بينما هذه يستحسن أن تستهدف طلاب العلوم الشرعية بالجامعات والمعاهد وغيرها وقد يفسر البعض أن هذا المقال أنه ينتقص من جهود القائمين ويغمطهم جهودهم أو تفسر على أنها لمجرد النقد للسلبيات بالعكس أردت من هذا الحديث أن تفعل المكاتب التعاونية للدعوة والإرشاد برامجها بتحديد مايحتاجه المستهدفون فتخصص برامج للمواطنين الذين هم بحاجة لأسلوب دعوي قريب من مستوى معارفهم وبلغة قريبة يسهل معها فهمهم لما يلقى عليهم... وليس بالضرورة أن تقام بالمساجد أو الجوامع فقط .
نشاهد برنامجا مزدحما بالدعاة ومعظمهم من المعلمين بصورة مكررة بمساجد القرى بشتى المحافظات , وتكرا ر ذلك مع معرفة المنظمين أن الحضور سيكون قليلا ومن نفس جماعة المسجد وبنفس المواضيع التي لاتتناسب مع مستويات الحضور سواء من حيث اللغة المستخدمة بعيدة كل البعد عن مداركهم أو لمواضيع فرعية , كشرح كتاب العقيدة تلك تتناسب مع طلاب التخصص لا مع من يقل تعليمهم عن المتوسط أو من هم ليسوا بحاجة لتلك الشروحات , فغالبة الحضور من طلاب العلم الذين حضروا تلك المحاضرات أكثر من عشر مرات أو جماعة المسجد الذين لا يمكن أن يستوعبوها, فلتكن المواضيع مما يستجد بالعصر الحالي ومناقشتها بشفافية وتبيان مايصلح مااعوج ويشيد ويثني على ما يشجع الشباب على الاستمرار وفق ما هم عليه من صلاح بدلا عن التعميم بذم الشباب وتقريعهم , فيما هم في حاجة ماسة لمن يمتلك أسلوب تربوي قريب منهم يبصرهم ولاينفرهم , يزرع فيهم الأمل ولا يقرَّعَهم , يلامس همومهم ولايفتئت عليهم ويشمِت بهم .
خلاصة الأمر أتمنى أن يتم اختيار المواضيع المناسبة لكل فئة واختيار المحاضر أو المتحدث الملائم والمكان الذي يمكن معه أن يكون مستوى الحضور أكثر من الحالي. أما التمترس خلف روتين معين مكرر مع إعتراف القائمين على تلك البرامج من قلة الحضور والتفاعل مع تلك البرامج الدعوية.
كما يجب أن تعقد لقاءات وورش عمل تضم عينات من المجتمع لدراسة أفضل السبل لتفعيل العمل الدعوي كي يتم الاستئناس بآ راء متعددة والخروج بآلية عمل تحقق نتائج أكثر نفعا.... والله من وراء القصد..
..