في جميع دول العالم , وبالرغم من التطور التقني ووجود المعلومة بأكثر من مسار عبر الشبكة العنكبوتية , يظل الكتاب صامدا وله قيمته المعرفية وأيضا عائده المادي كحق مكتسب تحميه حقوق الملكية الفكرية, وعلى مدى العصور ومنذ أن تعلم الإنسان استخدام وسائل القراءة وقبل القراءة لابد من وسيلة تخلد الفكر والأدب والإبداع فكانت هنالك وسائل متعددة لم يعدمها العقل الانساني بل اهتدى إليها لتظل ثقافة الشعوب والأمم وتاريخها ومكوناتها الاجتماعية مدونة للأجيال .
ازدهرت حركة التأليف والنشر العربي في العصر العباسي , ونشطت حركة ترجمة شتى العلوم والمعارف , ولم يكن هنالك تدخل لسلطة الحكم سوى حين قام مسؤول البريد بعهد هارون الرشيد بكتابة أحاديث مكذوبة نسبها لسيدنا وحبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم , اكتشفت تلك الأحاديث منتشرة بخراسان وسائر بلاد فارس فتم مصادرتها وتم التعرف على من قام بذلك فكان صاحب البريد , فتمت مداهمته , وقد عرف عنه أنه يبيت يصلي بآخر الليل للتضليل حت لا يُشَكُ فيه؛ كان فارسياً ومن أسرة رفيعة الشأن قبل الإسلام , وكان متعلماً ومثقفاً يجيد العربية , وعند مهاجمته والتحقيق معه اعترف وعزا فعلته أن العرب استعبدوا الفرس و قويت شوكتهم ولا يمكن مواجهتهم وقد أعزهم الإسلام , واوضح أنه لم ينتخل عن دينه وإنما أسلم كي يفتح بؤر شقاق لإضعاف الدولة الاسلامية التي كانت بعهد الرشيد بأوج زخمها وقوتها, ومما قاله : أن القرآن الكريم حفظه الله , ويحفظه الآلاف بصدورهم ومن الصعوبة بل يستحيل تحريفه , أما الشقاق بين العرب والتنازع على السلطات فهذا هم أربابه وليسوا بحاجة إلى من يذكيه بينهم , فلم يبق سوى أحاديث نبيكم !!! حوكم الزنديق و نفذ فيه ما استحقه.
في حين كانت كتب الأدب والمساجلات والطرائف والملح تحتوي ولاتزال على كثير من المعاني السافرة من حكايات وقصص جنسية وبأسلوب فاضح , من قصائد وروايات وغيرها , ككتاب ( فوات الوفيات) للكتبي , (وكتاب الأذكياء) وكتاب ( الحمقى والمغفلين ) (والأغاني ) ومعاصرا كالأمثال الشعبية بالجزيرة العربية - لعبد الكريم الجهيمان وتلك الكتب سحبت فقط من المكتبات المدرسية منذ عقود , عاصر تلك الكتب أئمة وعلماء ولم تُمس باعتبارها أدباً وتراثاً ؛لا أرمٍي من وراء ذلك أن أدعو لنشر الكتب والمجلات الصفراء فسيجدها من يبتغيها في ثوانٍ عبر عالم النت وبشتى الطرق .
ما دعاني لذلك هو تلك الموجة الغاضبة التي ترافق معرض الكتاب قبل افتتاحه وأثناء افتتاحه وبعد انتهائه لتعطي صورة مخجلة وغير حضارية عن هيبة الدولة والتي تمثلها حكومة تثق بمن يقوم على الشؤون الثقافية والإعلامية ولها أنظمتها ( قوانينها) ومعلوم أن وزارة الثقافة والاعلام هي المسؤولة عن التنظيم والمتابعة ولها أن تستعين بالجهات الأمنية لتردع وتحقق مع كل من يحاول فرض وصايته ذلكم الذين يمارسون أعمال ( البلطجية ) لفرض إرادتهم والافتئات من هيبة الدولة والحكومة , وقد أوضع عبدالله الجاسر أن من يقومون بالفوضى والمس بالمعرض ليسوا محتسبين وسيتم معاقبتهم , وكان الوزير خوجة قد نفى أن تكون هيئة الأمر بالمعروف قد قامت بالتدخل أو مارست أي تجاوزات بالأعوام الماضية, وقد تبرأت الهيئة من مسؤوليتها عمن يسمون أنفسهم "محتسبون"!
من هذا المنطلق ومما يقال عن اختلاط بين الرجال والنساء وأنه بنظرهم منكر , بل عدَّوا ذلك أن معرض الكتاب لم يُشَرَّع وجوده إلا بهدف فرض الاختلاط كواقع , متناسين أن الحكومة كل لا يتجزأ والدولة حاضنة لكل مكونات الدولة من وزارات ومجلس شورى وشعب وأفراد وهيئات ومؤسسات , وليس من حق أي فرد أو مجموعات أن يتجاوزوا أنظمة البلاد التي يحرسها ولي الأمر , وبكل دول العالم لا يجوز أن يقوم أي فرد أو مجموعة بعمل غير قانوني ويتعارض مغ أنظمة الدولة ويتدخل بمنع أو التشويش على برامج تنفذها أي وزارة , له أن ينتقد ويقترح ويناقش , لكن أن يصل به التهور ليعطل فعاليات معرض الكتاب وكأنه هو المسؤول الوحيد والأمين على نساء البلاد .
وما دام الأمر كذلك وبغياب وجود إجراءات رسمية تم اتخاذها نحو الغوغاء ومعاقبتهم بالأعوام السابقة , وفي حال تكرار أعمالهم هذا العام في ظل عدم وجود نظام يجرم أعمالهم وباعتقادي أن هنالك قصور بأداء وزارة الثقافة , إذ كان عليها سن نظام يقنن عقوبات نحو من يتعرض لأي نشاط بالوزارة ويعرض على مجلس الوزراء ويتم ارسال مشروع نظام (قانون) لمجلس الشورى ومن ثم يصدق عليه رئيس مجلس الوزراء (الملك) ليعالج الفراغ الحاصل والذي يُكتَفَى فقط بتفريقهم ومن ثم فرارهم من العدالة , وليؤسس النظام ( القانون) لمحاكمتهم وإنزال العقوبات المنصوص عليها بالنظام ووفق ما يراه الحاكم الشرعي - القاضي - .
وإن لم يُسَن نظام يعاقب - البلطجية الفكرية - فالأولى التوصل لإيجاد بوابتين منفصلتين واحدة للرجال وأخرى للنساء , وتجهيز قاعاتي عرض منفصلتين بكوادرها من ناشرين وعمال ومنظمين ومشرفين وزائرين ؛ بحيث تكون محتويات القاعتين وحجمهما والكتب المعروضة فيها متكافئتين , وبذلك تنزع الحجة أو لهذا العام تنظم أيام للرجال وايام للنساء مع طواقم نسائية إشرافيه ومسؤولات ومشرفات وحتى حارسات أمن مادام لا أحد يضمن عدم تكرار الفوضى من قبل البلطجية . الذين ربما حتى مع الفصل الكامل بين النساء والرجال أو جعل أيام للنساء وأيام للرجال على غرار الجنادرية فسيتدخلون بنوعية ما يعرض من كتب ومنشورات متنوعة مع علمهم أنها تخضع لسلطة وزارة الثقافة والاعلام , ولا لا يحق لأحد أن يحدث فوضى بحجة وجود كتاب أو غيره لا يتلاءم معهم فلا مبرر لتركهم هكذا , ولمن يرى ما لا يناسبه فله أن ينتقد عبر وسائل الاعلام المتاحة , لكن أن يستخدم يديه ويرفع عقيرته , ويشتم فهذا ليس من خلق المسلم الذي يفترض عليه أن يحترم هيبة ومكانة الوزارة التي هي جزء من الحكومة والحكومة هي السلطة التنفيذية بالدولة وعليها تقديم من يلجأ لتلك الأساليب الغوغائية للقضاء.
.
بالتوفيق لكم