كنت أشرت بمقال سابق بعد توقيع اتفاقية بين الرئيس اليمني والمعارضة بالرياض وبحضور خادم الحرمين الشريفين , أن الرئيس صالح سيراقب الوضع ومتى وجد ثغرة ما أو أنه سيعمد للاستفادة من أخطاء المعارضة؛ ليقلب الأوضاع لتبدأ بالنقطة الأولى , وهذا ما أتوقعه من خلال قيام كل طرف بحشد مؤيديه واستعراض العضلات بحجم أنصار كل فريق بالشارع بالوقت الذي ترى المعارضة أن حق التظاهر السلمي مكفول بموجب الدستور والقانون .
وهذا بدوره سيوفر للرئيس فرصة لحشد أنصاره من جديد وبالفعل تجمع الآلاف من أنصاره بميدان السبعين , تلك التحركات من شأنها أن تعرقل جهود الحكومة المشكلة حديثاً مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام الذي يهيمن على أغلبية مقاعد البرلمان وبين أحزاب اللقاء المشترك وغيرهم من المعارضة , ومن المفارقات أن منح البرلمان الثقة لحكومة باسندوة , بينما بالشارع الذي يعارض الرئيس لم يثنه مواقف أحزاب اللقاء المشترك التي وافقت على عدم ملاحقة الرئيس بموجب المبادرة الخليجية , ولا أنصار صالح الذين تجمعوا الجمعة لا يعنيهم منح مجلس النواب الثقة لحكومة با سندوة بالرغم أنهم من مؤيدي الرئيس وغالبيتهم من حزبه , وهذا يفسر أن نواب البرلمان أوفوا بتعهداتهم لكن يعطي ذلك انطباعاً أن المتظاهرين المناهضين للرئيس علي صالح وبمطالبهم باجتثاث كل المسؤولين من كافة الوزارات والمصالح الحكومية بحجة أنهم الذين مارسوا الفساد وبتبعيتهم للرئيس وحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه رئيس الجمهورية , لا يخضعون لسياسة المعارضة ولا يسيرون بركابها , وربما يكون من يدفعهم هم الجناح القبلي بزعامة آل الأحمر .
بالمقابل رفض الإدارة الأميركية سفر صالح لأميركا للعلاج مع أنه بخطابه الأخير قال ليس هدفه العلاج ؛ لإخلاء الساحة لنائبه وللحكومة الجديدة , وسيعود ليضطلع بدوره كمعارض من خلال حزب المؤتمر الشعبي العام , وكان المفروض أن تلبي الإدارة الأميركية طلبه , في حين اعتبر المناهضون له بالشارع أن ذلك خطوة من الرئيس لتلافي ملاحقته , مع العلم أن تلك الضمانات الممنوحة له وللمقربين منه بموجب الاتفاقية الخليجية.
ربما التقط المتظاهرون المعارضون تصريح رئيسة الادعاء العام بمحكمة الجنايات الدولية , والتي خلفت المدعي العام السابق " أوكامبو" بحديثها للعربية عشية تعيينها " أن قانون المحكمة الدولية والقانون الدولي لا يلتفت لتلك الضمانات التي مُنِحت للرئيس صالح وغيره لأنها مخالفة للقانون الدولي وهي مجرد اتفاقية , وفي حال قدمت عريضة دعوى لن تثنينا عن قبولها .
.