حدثت هذه القصة قبل أيام قليلة. وفي مكان قريب منا ، بعيد عن "العدالة" ربما. ولأنّ الجنوب جنوب ، فإنّه لا زال الطبيب "الأجنبي" القاتل ، حتى الآن ، يسرح ويمرح. دون توجيه أيّ إشارة إليه ، سوى إشارة الطرد لذوي الفقيدة ، ووضع ملف القضيّة لدى مسؤول الشؤون الصحيّة في المنطقة ، والتي تشتهر بمستشفيات من فئة "خالي من الدم" ، ومستوصفات ، منقطعة الكهرباء ، ومختبرات تجري تجاربها غير العلميّة على المرضى مباشرة !
الفاجعة تصبح أحياناً شيئاً يفوق الصمت الشخصي. تحاصرك بوجعها، وبأنين أهلها. وتغدو مساراً يغلق عليك بقية المسارات. القضية باختصار: أنّ "أشواق"، كانت تحلم يوماً أن تكمل دراستها في "الطبّ". جاءها الموت بـ"الطبّ".
"أشواق"، البنت التي لما تقضي حلم مراهقاتها، في جنوب البلاد البعيد، وفي مستشفى حكومي، يندرج كل موظفيه، تحت طائلة مقولة "كائناً من كان"، قضت آخر أنفاسها، وودعت مراهقتها، وأحلامها، ورحلت بنت الثامنة عشرة. لأن المستشفى البقالة-، لم يكن يحوي في بنك الدم، ما يكفي لإنعاش فتاة بعمرها. هكذا قالوا ، بينما الحقيقة أنّ العاملين فيه على جثّة الراحلة كانوا بلا "دم" ولا "ضمير".
الخطأ الطبي، مكرور، وكثير. ولا جديد في هذا. يتزايد بقدر ما تتناقص كفاءة أطباء الصحة. وحين تجيئنا الحكايات البعيدة، من بلاد "الكافرين" خصوصاً، عن أخطاء طبية، لم يقدر الغرب "الكافر"، بكل جبروته التقني والمادي، أن يتفاداها، وبرغم تقدمه العلميّ المذهل، أن يتخطى عقبتها اللعينة. حين تجيئنا الحكايات، من لوس انجلوس، وايوا كلينك، وبرلين، وفرانكفورت، ومستشفيات التخصصات الجامعيّة الدقيقة، فإن جازان مثلاً، ليست نشازاً من بين بلدان العالم، لكي لا يحدث فيها خطأ طبي، لفتاة في الثامنة عشر من عمرها، يحيلها به، من طالبة الثانويّة العامّة المجدّة، مريضة بالزائدة الدوديّة، إلى جثّة ميّتة، تخرج من باب خلفيّ للمشفى، ولتذهب بدلاً من طاولة الفصل وكرسيّ الدراسة، إلى نعش الجنازة، وحفرة القبر.
الخطأ الطبيّ الذي يحدث في الغرب الكبير والبعيد، يحدث من "بشر" على بشر. يتحمّلون بعده إثم الخطأ. يجيء للعائلات من رسائل الاعتذار، وشيكات التعويض، ما لن تنسى به طيف الراحلين خطأ، أو ما ذهب من أعضائهم، لكن ما يهبك حسّاً بكونك إنساناً بشريّا، تملك حقّ الكرامة، وحيّز الوجود، ولو لسلام، أو كلام، أو رؤية مدير وحدة، أو قسم تمريض. أو مجرّد لقاء طبيب جاء أصلاً لمنطقتك بطريق النقل التأديبي !
ماتت أشواق. وهي بالمناسبة ليست الأولى. وبالطبع: ليست الأخيرة. في إدارة تمديد زيارة وقت المرضى، وتسويف إنشاء المستشفيات العامّة، ورفع مستوى الكفاءة في التعامل مع البشر. والجديرة بعلاج مواطنين بشراً، بعيداً عن ذباب غرف العناية المركّزة، أو صالات المستوصفات المستأجرة، تحت أيدي أمهر السباكين وعمّال التلحيم واللياسة، القادمين بفيز الاستشاريّين وأخصاء الجراحة الدقيقة في المخّ والجهاز العظميّ والهضميّ، لا في حفر التفتيش، ولا أنابيب المياه الملوّثة.
أشواق أهل "أشواق"، تزداد ولعاً، كلّما لمحوا في الأفق إمكانية محاسبة مخطئ، وعقاب مقصر. مستشفى الموسّم العام، يشغله أطباء، برتبة قتلة أحياناً، ومستهترين أحياناً أخرى.
لأن دماً لم يكفي، وأحياناً لأن التخدير لم يكن مناسباً لعمرها وجسدها الضعيف، وأحياناً، لأنّ الميكروباص المنقذ، يصلح للتعامل مع حالات بيطريّة، لا بشريّة، وأخيراً لأن درج مدير الشؤون الصحيّة واسع للكثير من القضايا المؤودة، ولأنّ الخطأ خطأ، والأقدار والأعمار بيد الله !
تمّت مواراة أحلام "أشواق" مع جثمانها الصغير. طالبة الصفّ الثالث ثانويّ، يفتقد زميلاتها في الفصل مكان طاولتها الفارغ. تتذكّرها المعلّمة بصمت. أهلها يلمحون مكان نومها بحزن آسر. أبناء عمومتها، أزالوا اسمها الآن من خارطة أحلام شريكة العمر. كراريسها الصغيرة، رسوماتها، حقيبتها، تشكّل موسم حزن كبير لكلّ القريبين منها. وحدها إدارة مستشفى "الموسّم" العامّ بجنوب جازان، فائح السمعة، وحاوي أكبر أخصائيّ الاستهتار بأعمار البشر وكرامة الحزن البشريّ، يسرحون ويمرحون، تجلجل ضحكاتهم، وترنّ هواتفهم بغبط ليست فيه تأكيداً مكالمة واحدة تخصّ أهل جثّة جزرت على أيديهم.
عزيزي القارئ: مستشفى "الموسّم" العام لا زال يعمل. وملك الموت ليس بعيداً عنهم. للحفاظ على أرواح ذويكم ، نرجوكم التوجّه إلى أيّ "دكّان" آخر ، يوجد به دم ، أو يوجد لدى العاملين فيه "دم" !
اذهبوا إلى أيّ مكان ، ولكن إياكم والمرور بهذه المجزرة التابعة في جنوب جازان المنسيّة في الصحّة والمرض ، إلى وزارة الصحة ، التي مدّدت بمكرمة وقت زيارة المرضى ، ومدّدت بدون مكرمة ولا كرامة أعداد الوفيّات !
johary67@gmail.com
5
لا حول ولا قوة الا بالله
1
لن تتطور منطقتنا صحيا إلا بإدارة جديدة لصحة جازان , بحاجة لمدير عام جديد المشكلة ليست بالمستشفى والعاملين فيه.المشكلة الكبرى في وزارة الصحة ومديرية جازان وصدقني فأنا على علم بالتفاصيل ولاحول ولاقوة الا بالله.
هل من المعقول ان يستدعي سمو امير المنطقة ابن الطبيقي يوميا كي يسأله عن احوال الصحة بجازان
ياسادة اذا ضاع مستشفى الموسم فلا عجب فقد ضاع راس الهرم بالشؤون الصحية وكل يوم طالع لنا في جوال جيزان الدكتور محسن يتفاعل مع نداء جوال جيزان صورة اعلامية مزيفة .
1
1
شكراً يا جيزان نيوز على مثل هذه المتابعات الجميلة لهموم الناس. انتم أصواتنا إلى المسؤولين الله يبارك فيكم
فما هو عمله؟؟؟؟
رقم ادارة المستشفى هو((073313904)) هذا ولكم جزيل الشكر...
أذنا صاغية لدى المسؤلين
كل مستشفيات المنطقه سيئه ومجازر حمراء
اخي اذا كان رؤساء المستشفيات سيئين فماذا تنتظر
اخي نحن سكان المنطقه الوحيده بالعالم الذين نسعى الى تدهورها
اخي نحن في جازان نحتاج اعاده نظر في انفسناولا للتعميم طبعا
اين طموحنا ونحن نرى ابناء المنطقه يزيدون في تعاستها
اذا كان مدير الشؤون الصحيه يهوى استخدام الشمه وقد عرف عنه انه افضل من يحضر افطار السمك الى الاطباء في ماضي ايامه فماذا تنتظر
من تتبع هموم جازان مات هما اخي
ارى ان نهرب من واقع المنطقه اما بالعيش خارجها او العيش فيها بصمت
ولكن يظل وبدون نفاق الامير محمد بن ناصر رمز للاخلاص في هذه المنطقه وليته يرى منا مساعده ولكن
لا حول ولا قوه الا بالله
2011 والناس تعيش في رغد وسلام ونحن في جازان تكثر مشاكلنا وهمومنا كل يوم[/justify][/i][/highlight][/color]
والمعايير المطبقة لاستقدام الاطباء فى الموسم هى نفس الشروط التى تطبق على اطباء المستشفيات التخصصية فى المملكة